قصداً إلى التفاوت بينه وبين ما يتعلق بما ذكروا؛ أعني: الإفاضة المذكورة في ضمن شرط الذي هو: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ}[البقرة: ١٩٨]، وهو حاصل ما ذكرنا إلى هنا كلامه رحمه الله.
ثم أشار الزمخشري إلى وجه يكون على بابها، فقال: وقيل: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}[البقرة: ١٩٩]، وهم الحمس؛ [أي: من المزدلفة إلى منى بعد الإفاضة من عرفات. انتهى (١).
فيكون المراد بالناس هنا: المعهودين، وهم الحمس] (٢)، ويكون هذا الأمر أمراً بالإفاضة (٣) من مزدلفة إلى منى بعد الإفاضة من عرفات، وفي قوله: بعد الإفاضة من عرفات دون أن يقول: بعد الذكر بالمشعر الحرام، إشعارٌ بأنه (٤) عطف على أفيضوا من عرفات المدلولِ عليه بقوله: فإذا أفضتم، لا على: اذكروا الله، لكنه يحمل على الأمر (٥) الحاصل محافظة على (٦) ما هو الظاهر من عطف الأمر على الأمر.
قال التفتازاني: فإن قيل: لا حاجة في هذا المعنى إلى حمل الناس على الحمس؛ لجواز أن يراد: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس إليه.
قلنا: الظاهر من قوله: حيث أفاض الناس (٧): من حيث أفاضوا عنه،
(١) انظر: "الكشاف" (١/ ٢٧٥). (٢) ما بين معكوفتين ليس في "ج". (٣) في "ج": "ويكون الأمر أمر بالإضافة". (٤) في "ج": "إشعار على أنه". (٥) في "ع": "الأحد". (٦) في "ع": "إلى". (٧) "الناس" ليست في "ع".