(فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاةَ الفطر): هذا دليل للمشهور من مذاهب الفقهاء على وجوب زكاة الفطر، وذهب بعضهم إلى عدم الوجوب، وتأول (١) قولَه: فرضَ بمعنى: قَدَّر، ولا شك أن هذا أصله (٢) في اللغة، لكنه نقل في عرف الاستعمال إلى الوجوب، فالحملُ عليه أولى؛ لأن ما اشتهر في الاستعمال، فالقصد إليه هو الغالب.
وسأل ابن المنير: كيف اتفقوا على وجوب زكاة المال، مع أنها طهرة للمال (٣)، واختلفوا في إيجاب زكاة الفطر، مع أنها طهرة للنفس؟
وأجاب: بأن (٤) إضافة زكاة المال إلى تطهير المال مجاز، وإنما هي بالحقيقة طهرة للنفس، والمالُ ليس مكلفًا حتى يطهر حقيقةً، ولهذا ورد في الصدقات: أنها أوساخُ الناس (٥)، وقال تعالى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}[التوبة: ١٠٣] الآية.
قلت: فتحصَّل (٦) أن الزكاة وصدقة الفطر كلتاهما طُهرةٌ للنفس، ولم يخرج من ذلك جواب عن (٧) وجه الاتفاق على وجوب الأولى دون الثانية.
(١) في"ن" و"ج": "وتأولوا". (٢) في جميع النسخ عدا "ن": "أصلي". (٣) "للمال" ليست في "ج". (٤) في "ن": "أن". (٥) رواه مسلم (١٠٧٢). (٦) في "ج": "فيحتمل". (٧) في "ج": "على".