ويرجِّحُه قولُه:"إِنَّ عَمَّ الرجُلِ صِنْوُ أَبيهِ"(١)؛ ففي هذه اللفظة إشعار بما ذكرنا؛ فإن كونه صِنْوَ الأب يناسبُ أن يحملَ ما عليه.
فإن قلت: هل من سبيل إلى التوفيق بين الروايتين (٢)؟
قلت: نعم بأحد وجهين (٣):
الأول: أن يكون الضمير من (٤) قوله: "فهي عليه" عائداً على رسول الله (٥)، لا على العباس.
الثاني: أن تحمُّلَه (٦) -عليه السلام- عن العباس بالصدقة لا يبرئ العباسَ منها؛ فإن الحمالةَ شغلُ ذمةِ أخرى بالحق، فتكون الصدقة على العباس بطريق الأصالة، وعلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بطريق الحمالة.
ويحتمل أن يكون ذلك إخباراً عن أمر وقع ومضى، وهو تسلف صدقة عامين من العباس، وقد روي في ذلك حديث منصوص:"إِنَّا تَعَجَّلْنَا مِنهُ صَدَقَةَ عَامَيْنِ"(٧).
قال ابن المنير: وهذا الحديث خارج عن الصحيح المشهور، ولو
(١) انظر: تخريج الحديث المتقدم؛ إذ هو قطعة منه. (٢) في "ج": "هاتين الروايتين". (٣) في "ع": "الوجهين". (٤) في "ع": "في". (٥) في "ن" زيادة: " - صلى الله عليه وسلم - ". (٦) في "ج": "يحمل". (٧) رواه الدارقطني في "سننه" (٢/ ١٢٤) عن ابن عباس رضي الله عنه، والطبراني في "المعجم الكبير" (٩٩٨٥) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.