(يرثي له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -): هذا موضع التّرجمة، ونازعه الإسماعيلي، وقال: ليس هذا من مراثي الموتى، وإنما هو من إشفاق النّبي - صلى الله عليه وسلم - من (١) موته بمكة بعد هجرته منها، وكراهة ما حدث عليه من ذلك؛ كقولك: أنا (٢) أرثي لك ممّا جرى عليك؛ كأنه يتحزَّنُ عليه.
قال الزركشي: ثمّ (٣) هو بتقدير تسليمه فليس بمرفوع، وإنّما هو مُدْرَجٌ من قول الزّهريُّ (٤).
(أن مات بمكة): هو بفتح "أن"؛ أي: من أجل موته بمكة، ولا يجوز الكسر (٥) على إرادة الشرط؛ لأنه كان انقضى (٦) أمره وتَمَّ. قاله في "المشارق"(٧).
قال ابن عبد البرّ: لم يختلفوا في أن سعدَ بنَ خولةَ مات بمكة في حجة الوداع، قال: ورثى له من أجل أنه مات بمكة، وهي الأرضُ الّتي هاجر منها، ويدلُّ لذلك قوله:"اللَّهُمَّ أَمْض لأِصْحَابي هِجْرَتَهُمْ، وَلا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابهِمْ".
قال: وهذا يردُّ قولَ من قال: إنّه رثى له؛ لأنه ماتَ قبل أن يُهاجر،
(١) في "ع": "على". (٢) في "ع": "إنّما". (٣) "ثمّ "ليست في "ع". (٤) انظر: "التنقيح" (١/ ٣١٧). (٥) في "ج": "ولا يجوز أكثر". (٦) في "ع": "قد انقضى"، وفي "ج": "كان يقضي". (٧) انظر: "مشارق الأنوار" (١/ ٤٢).