وقول الطبري: إنما يُستغفر مما (٢) يوجب الاستغفار، ليس بمستقيم؛ فإنَّه تعريضٌ بوقوع (٣) الذنب، وإنما الحقُّ أن الاستغفار تعبدٌ على الفرض والتقدير؛ أي: أَستغفرُك لما (٤) عساه (٥) أن يقع لولا عصمتُك (٦) إياي، ولهذا تأول كثير من العلماء قوله تعالى:{مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ}[الفتح: ٢] على أنَّه ذنب آدمَ، {وَمَا تَأَخَّرَ}[الفتح: ٢] على أنَّه ذنب الأمة، ولهم فيه وجوهٌ كلها تحوم على اعتقاد (٧) العصمة، وعدم تحقيق الذنب.
وأما قوله -عليه السلام-: "اغفِرْ لِي خَطايايَ وجَهْلي وكلُّ ذَلِكَ عِنْدِي"(٨)، فالتحقيق فيه: أن يكون ذلك فرضًا وتقديرًا، كأنه قال: وكلّ ذلك عندي لولا عصمتُك إياي، وأنا مع العصمة، فلا وَصمةَ. والله أعلم.
(١) "ولا عتب" ليست في "ن". (٢) في "ع": "بما". (٣) في "ن"و "ع": "لوقوع". (٤) في "ج": "كما". (٥) في "ع": "عسى". (٦) في "ج": "يقع لولاية عصمتان". (٧) "اعتقاد" ليست في "ن". (٨) رواه البخاري (٦٣٩٨) عن أبي موسى رضي الله عنه.