بين لفظ البيع ولفظ الهبة، فجعلت لفظ البيع واقعًا على ما يستحق فيه العوض، والهبة بخلاف ذلك.
واحتُج لمالك بحديث الباب والاقتداء به واجب؛ قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١] وروى أحمد في "مسنده" وابن حبان في "صحيحه" من حديث ابن عباس أن أعرابيًا وهب للنبي - صلى الله عليه وسلم - هبة فأثابه عليها وقال:"رضيت؟ " قال: لا. فزاده قال:"رضيت؟ " قال: لا. فزاده قال:"رضيت؟ " قال: نعم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لقد هممت ألا أتهب هبة إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي"(١).
وعن أبي هريرة نحوه، رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال: حسن. والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم (٢).
وهو دال على الثواب فيها (٣) وإن لم يشرطه؛ لأنه أثابه وزاده منه حتى بلغ رضاه.
احتج به من أوجبه، قال: ولو لم يكن واجبًا لم يشبه ولم يرده، ولو أثاب تطوعًا لم يلزمه الزيادة، وكان ينكر على الأعرابي طلبها.
قلت: طمع في مكارم أخلاقه وعادته في الإثابة.
(١) أحمد ١/ ٢٩٥، وابن حبان ١٤/ ٢٩٦ (٦٣٨٤) كتاب: التاريخ، باب: ذكر إرادة المصطفي - صلى الله عليه وسلم - ترك قبول الهدية إلا عن قبائل معروفة. وقال الهيثمي في "المجمع" ٤/ ١٤٨: رجال أحمد رجال الصحيح. (٢) رواه أبو داود (٣٥٣٧) كتاب: أبواب الإجارة، باب: في قبول الهدا يا، والترمذي (٣٩٤٥) كتاب: المناقب، باب: في ثقيف وبني حنيفة، والنسائي ٦/ ٢٧٩ - ٢٨٠، والحاكم في "المستدرك" ٢/ ٦٣، وصححه الألباني في "الصحيحة" برقم (١٦٨٤). (٣) أي: في الهبة.