قوله: ("مِنْ كَذَا إِلَى كَذَا") وفي رواية: "مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا"(١) وأسلفنا "ما بين عير إلى ثور" بإسقاط الألف واختلف الناس فيهما هل هما بالمدينة أو بمكة، والحق أنهما بالمدينة وأنهما معروفان. قال ابن المنير: قوله: "من عير إلى كذا" سكت عن النهاية، وقد جاء في طريق آخر:"ما بين عير إلى ثور"(٢).
قال: والظاهر أن البخاري أسقطها عمدًا لأن أهل المدينة ينكرون
أن يكون بها جبلٌ يسمى ثورًا، وإنما ثور بمكة، فلما تحقق عنده أنه وهم أسقطه وذكر بقية الحديث، وهو مفيد يعني: بقوله: "من عير إلى كذا"(٣) إذ البداءة يتعلق بها حكم، فلا تترك؛ لإشكال سنح في حكم النهاية (٤).
قلت: قد أسلفنا أنه ذكرها في الجزية والموادعة، نعم أنكر مصعب الزبيري وغيره هاتين الكلمتين -أعني: عيرًا وثورًا- وقالوا: ليسا بالمدينة، عير بمكة.
قال صاحب "المطالع": بعض رواة البخاري ذكروا عيرًا، وأما ثور فمنهم من كنى عنه بكذا، ومنهم من ترك مكانه بياضًا إذ اعتقدوا الخطأ في ذكره. وقال أبو عبيد: كان الحديث "من عير إلى أحد".
(١) أحد روايات أحاديث الباب (١٨٧٠). (٢) سيأتي هذا الحديث برقم (٦٧٥٥) كتاب: الفرائض، باب: إثم من تبرأ من مواليه. (٣) ستأتي هذِه الرواية برقم (٧٣٠٠) كتاب: الاعتصام، باب: ما يكره من التعمق والتنازع في العلم … (٤) "المتواري على تراجم أبواب البخاري" لابن المنير ص ١٤٨.