أظهر حرمتها، وإلا فهي حرام منذ خلق الله السموات والأرض كما ستعلم، فهو آمن من عقوبة الله، وعقوبة الجبابرة، وسأل إبراهيم أن يؤمنه من الجدب والقحط، دليله:{عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ}[إبراهيم: ٣٧] وقيل: بل كانت حلالًا قبل دعائه، وهو حرمها كما حرم نبينا المدينة.
وقوله:({وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى})[البقرة: ١٢٥] قيل: هو المقام الذي يصلي فيه الأئمة اليوم، وقيل: الحج كله مقام إبراهيم. قاله ابن عباس وعطاء (١). ومصلى أي: مدعى، قاله مجاهد (٢)، والأظهر: الصلاة. {وَعَهِدْنَا} أمرنا وأوحينا. {طَهِّرَا بَيْتِيَ} أي: من الآفات والريبة، أو من الأوثان، أو من الشرك. {لِلطَّائِفِينَ} ببيتي، {وَالعَاكِفِينَ}: المجاورين، أو أهل البلد. و {القَوَاعِدَ}: الأساس، والجدر. {مَنَاسِكَنَا}: ذبائحنا أو متعبداتنا. {وَأَرِنَا}: بكسر الراء وإسكانها.
ثم ذكر فيه خمسة أحاديث:
أحدها:
حديث جابر بن عبد الله: لَمَّا بُنيَتِ الكَعْبَةُ ذَهَبَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - والعباس يَنْقُلَانِ الحِجَارَةَ، فَقَالَ العَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ. فَخَرَّ إِلَي الأَرْضِ، وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ:"أرِنِي إِزَارِي". فَشَدَّهُ عَلَيْهِ.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٨٤ - ٥٨٥ (١٩٩٢، ١٩٩٤)، وابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ١/ ٢٢٦ (١١٩٧ - ١١٩٨). (٢) رواه الطبري في "تفسيره" ١/ ٥٨٦، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ٢٢٤ إلى "سنن بن منصور".