و"مستدرك الحاكم"(١) وغيره، فوافق ما رآه - صلى الله عليه وسلم - تلك الليلة (٢)، واقتضت الحكمة الإلهية أن يكون الأذان عَلَى لسان غيره من المؤمنين؛ لما فيه من التنويه من الله بعبده، والرفع لذكره، والتفخيم بشأنه، قَالَ تعالى:{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}[الشرح: ٤].
الحديث الأول: حديث أنس: ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ، وَذَكَرُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارى، فَأُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وُيوتِرَ الإِقَامَةَ.
وقد أخرجه مسلم أيضًا، وباقي الستة (٣)، وذكره البخاري أيضًا في
= الأنصار، قال: اهتم النبي - صلى الله عليه وسلم - للصلاة كيف يجمع الناس لها .... الحديث مطولًا. قال الحافظ في "الفتح" ٢/ ٨١: إسناده صحيح إلى أبي عمير بن أنس، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (٥١١). ورواه أبو داود (٥٠٧)، وابن إسحاق في "السيرة" (٤٦٩)، والبيهقي ١/ ٣٩١، ١/ ٤٢٠ - ٤٢١ من طريق المسعودي عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال … الحديث مطولًا. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (٥٢٤)، وللحديث طرق وروايات وألفاظ أخر، انظرها في: "نصب الراية" ١/ ٢٥٨ - ٢٦٠، "فتح الباري" لابن رجب ٥/ ١٧٧ - ١٩٦، "البدر المنير" ٣/ ٣٣٤ - ٣٤٤، "تلخيص الحبير" ١/ ١٩٧ - ١٩٩، "الثمر المستطاب" ١/ ١١١ - ١٩٩. (١) "المستدرك" ٣/ ٣٣٥ - ٣٣٦، ٤/ ٣٤٧ - ٣٤٨. (٢) مسلم (٣٧٨) كتاب: الصلاة، باب: الأمر بشفع الأذان وإيتار الإقامة، أبو داود (٥٠٨)، الترمذي (١٩٣)، النسائي ٢/ ٣، ابن ماجه (٧٣٠). (٣) قال القرطبي في "المفهم" ٢/ ٦: لا يلزم من كونه سمعه ليلة الإسراء أن يكون مشروعًا في حقه. قال الحافظ ٢/ ٧٩ معقبًا: قول القرطبي فيه نظر، لقول في أوله: لما أراد الله أن يعلم رسوله الأذان، وكذا قول المحب الطبري: يحمل الأذان ليلة الإسراء على المعنى اللغوي، وهو الإعلام، ففيه نظر أيضًا، لتصريحه بكيفيته المشروعة فيه، والحق أنه لا يصح شيء من هذِه الأحاديث. اهـ