قال المهلب: وإنما نهى - عليه السلام - عن التبتل والترغيب من أجل أنه مكاثر بهم الأمم يوم القيامة، وأنه في الدنيا يقاتل بهم طوائف الكفار، وفي آخر الزمان يقاتلون الدجال، فأراد - عليه السلام - أن يكثر النسل (١).
قلت: وإذا كان التبتل الذي لا جناية فيه على النفس إنما هو منعها عن المباح لها، فمنعها ما فيه جناية عليها بإيلامها -وهو الخصاء- أحرى أن يكون منهيًّا عنه، وثبت أن قطع شيء من الأعضاء من غير ضرورة تدعو إلى ذلك حرام.
وأما حديث أبي أمامة رفعه:"أربعة لعنهم الله فوق عرشه وأمنت عليه الملائكة، الذي يخصي نفسه عن النساء .. "(٢) الحديث، فهو منكر كما قاله أبو حاتم في "علله"(٣).
ولا التفات إلى ما روي:"خيركم بعد المائتين الخفيف الحاذ (٤) الذي لا أهل له ولا ولد"(٥)، فإنه ضعيف بل موضوع، وكذا قول حذيفة: إذا كان سنة خمسين ومائة فلأن يربي أحدكم جرو كلب خير له من أن يربي ولدًا (٦).
(١) انظر: "شرح ابن بطال" ٧/ ١٦٨. (٢) رواه الطبراني في "الكبير" ٨/ ٩٩ (٧٤٨٩) بلفظ "الذي يحصن نفسه عن النساء". (٣) "العلل" لابن أبي حاتم ١/ ٤١٣ (١٢٤٠) وفيه الحديث بلفظ "الذي يخصي نفسه عن النساء". (٤) ورد بهامش الأصل: حاشية: الحاذ -بالحاء المهملة ثم ألف ثم ذال معجمة- الظهر. وهو حديث رواه أبو يعلى الموصلي من حديث حذيفة، ورواه الخطابي في كتاب "العزلة" من حديثه وحديث أبي أمامة. قال شيخنا العراقي: حديث ضعيف. انتهى. وفي حفظي عن ابن حزم أنه قال: إنه موضوع، قاله … في "المحلى". (٥) رواه الخطابي في "العزلة" ص ٥٢. (٦) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" ٧/ ٢٧ مرفوع من حديث حذيفة.