وقولهم:(لسنا كهيئتك يا رسول الله)، قالوه رغبة في الزيادة في الأعمال؛ لما علموا من دأبه فيها مع كثرة ذنوبهم، وغفران ما تقدم لَهُ وما تأخر، (فعند ذَلِكَ)(١) غضب - صلى الله عليه وسلم - إذ كان أولى منهم بالعمل؛ لعلمه بما عند الله، (وعظيم)(٢) خشيته له.
(قَالَ)(٣) تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ}[فاطر: ٢٨] وقيل: قالوه لما علموا منه من طلب التيسير عليهم وظنهم أنه لا ينجيهم إلا بلوغ الغاية في العبادة.
وفي الحديث جمل من الفوائد والقواعد:
(إحداها)(٤): ما قررناه من القصد في العبادة وملازمة ما يمكن الدوام عليه والرفق بالأمة، فالدين يسر.
ثانيها: أن الصالح ينبغي لَهُ أن لا يترك (جده)(٥) في العمل؛ (اعتمادًا)(٦) على صلاحه.
ثالثها: لَهُ الإخبار بحاله إِذَا دعت إليه حاجة وينبغي أن يحرص عَلَى كتمانها؛ خوف زوالها من (إشاعتها)(٧).
رابعها: الغضب عند ردِّ أمر الشرع ونفوذ الحكم في حال غضبه.
خامسها: بيان ما كانت عليه الصحابة من الرغبة التامة في الطاعة والزيادة في الخيرات.
(١) في (ج): فحينذٍ. (٢) في (ج): وعظم. (٣) ساقطة من (ج). (٤) في (ج): أحدها. (٥) في (ب): الجد. (٦) في (ج): لاعتماده. (٧) في (ج): إضاعتها.