وفيه المواساة بالطعام عند المسغبة والشدة، وتساوي الناس في ذلك، وفي أكل أهل الجيش من الكبد على قِلّته علامة باهرة من أعلام نبوته، وآية باهرة من آياته.
خامسها: قوله: ("لمناديل سعد") فيه ضرب المثال بالمناديل التي
يمسح بها الأيدي وينفض بها الغبار وتتخذ لفافة لجيد الثياب، فكانت كالخادم والثياب كالمخدوم، فإذا كانت المناديل أفضل من هذِه الثياب -أعني: جبة السندس- دل على عظم عطايا الربِّ جلَّ جلاله قال تعالى:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}[السجدة: ١٧] قال الداودي: والسندس: رقيق الديباج، والإستبرق: غليظه.
والذي ذكره غيره كما قال ابن التين: الإستبرق أفضل من السندس؛ لأنه غليظ الديباج، وكل ما غلظ من الحرير كان أفضل من رقيقه.
سادسها: أكيدر دومة: هو ملك دومة الجندل، كان يدعى أكيدر، ودومة بفتح الدال وضمها (١)(٢).
(١) "معجم البلدان" ٢/ ٤٨٧. (٢) في حاشية الأصل: أُكَيدر بضم الهمزة وفتح الكاف، قال الخطيب: هو أكيدر بنُ عبدِ الملك بن عبد الجن بن أعياء بن الحارث بن معاوية الكندي .. الشافعي في "المختصر"، فقال إنه من غسان أو من كندة. قال الخطيب في "مبهماته": كان نصرانيا، ثم أسلم، وقيل مات نصرانيا. وقال ابن الأثير: ذكر ابن منده وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" أنه أسلم وأهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُله حرير فوهبها لعمر. قال ابن الأثير: أما الهدية والمصالحة فصحيحان، وأما الإسلام فغلط لأنه لم يسلم بلا خلاف بين أهل السير، ومن قال أسلم فقد أخطأ خطأً فاحشًا. قال: وكان نصرانيًا ولما صالحه النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد إلى حصنه وبقي فيه، ثم إن خالدًا حاصره زمن أبي بكر، فقتله نصرانيًا .. انتهى.