وكره أحمد أخذها أيضًا (١) وقالت طائفة: أخذها وتعريفها أفضل من تركها، هذا قول سعيد بن المسيب (٢).
وقال أبو حنيفة: تركها سبب لإضاعتها (٣)، وبه قال الشافعي، وعن مالك: إن كان شيء له بال فأخذه وتعريفه أحب إليَّ (٤).
حجة الأول الحديث السالف:"ضالة المؤمن حرق النار"(٥)، و"لا يأوي الضالة إلا ضال"(٦).
حجة الثاني: أمر الشارع بتعريفها ولم يقل له: لم أخذتها: وذلك دليل على أن الفضل في أخذها وتعريفها؛ لأن تركها عون على ضياعها، ومن الحق النصيحة للمسلم وأن يحوطه في ماله بما أمكنه. وتأولوا ما سلف أن المراد به: من لم يعرفها وأراد الانتفاع بها حتى لا تتضاد الأخبار، ويدل على ذلك رواية زيد بن خالد الجهني مرفوعًا:"من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها"(٧).
وروى الجارود قال: أتينا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن على إبل عجاف، فقلنا: يا رسول الله، إنا نمر بالجرف فنجد إبلًا فنركبها، فقال:"ضالة المؤمن حرق النار" وكان سؤالهم عن أخذها إنما هو لأن يركبوها، فأجاب بذلك، أي: ضالة المسلم حكمها أن تحفظ
(١) "المغني" ٨/ ٢٩١. (٢) "الإشراف" ٢/ ١٥١. (٣) "مختصر اختلاف العلماء" ٤/ ٣٤٧. (٤) "النوادر والزيادات" ١٠/ ٤٦٧. (٥) الترمذي (١٨٨١) عن الجارود، وابن ماجه (٢٥٠٢) عن عبد الله بن الشخير عن أبيه والبيهقي ٦/ ١٩٠. (٦) أبو داود (١٧٢٠). (٧) مسلم برقم (١٧٢٥) كتاب اللقطة، باب: لقطة الحاج.