فرع: إنما يحرم أيضًا إذا حصل التراضي صريحًا، فإن لم يصرح ولكن جرى ما يدل على التراضي كأشاور عليك، وكذا إذا سكت، فالأصح لا تحريم، وقال بعض المالكية: لا يحرم حتى يرضوا بالزوج ويسمى المهر، واستدل بقول فاطمة بنت قيس: خطبني أبو جهم، ومعاوية، فلم ينكر الشارع ذلك، بل خطبها لأسامة (١).
وقد يُقال: لعل الثاني لم يعلم بخطبة الأول، وأما الشارع فأشار بأسامة؛ لا أنه خطب ولم يعلم بأنها رضيت بواحد منهما ولو أخبرته لم يشر عليها. وقال القرطبي: اختلف أصحابنا في التراكن فقيل: هو مجرد الرضا بالزوج والميل إليه، وقيل: تسمية الصداق. قال: وهذا عند أصحابنا محمول على ما إذا كانا شكلين (٢). وزعم الطبري أن النهي هنا منسوخ بخطبته - عليه السلام - فاطمة لأسامة (٣). ثم أعلم أنه قام الإجماع على تحريم ما أسلفناه كما تقرر، فلو خالف وعقد فهو عاصٍ، وينعقد البيع عندنا وعند أبي حنيفة وآخرين.
وقال داود: لا ينعقد، وبه صرح ابن حزم منهم كما سلف، وعن مالك روايتان كالمذهبين. وقال جماعة من أصحابه: يفسخ قبل الدخول لا بعده، وجمهورهم على إباحة البيع والشراء فيمن يزيد،
وبه قال الشافعي كما سلف، وكرهه بعض السلف.
فصل:
وأما بيع الحاضر للبادي فهو أن يقدم غريب بمتاع تعم الحاجة إليه ليبيعه بسعر يومه، فيقول البلدي له: اتركه عندي لأبيعه على التدريج بأغلى.
(١) رواه مسلم (١٤٨٠/ ٤٧) كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثًا. (٢) "المفهم" ٤/ ١٥٨. (٣) رواه مسلم (١٤٨٠/ ٤٧) وقد تقدم.