حَتَّى أَوْفَيْتُهُمُ الذِي لَهُمْ، وَبَقِيَ تَمْرِي، كَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ. (وَقَالَ)(١) فِرَاسٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّاهُ. (وَقَالَ)(٢) هِشَامٌ، عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جُذَّ لَهُ، فَأَوْفِ لَهُ".
الشرح: أما الآية فما فسره البخاري فسره الأخفش وأبو عبيدة وكذا الفراء، فقال: الهاء في موضع نصب، تقول في الكلام: قد كلتك طعامًا كثيرًا، وكلتني مثله، وقوله:({اكتَالُواْ عَلَى النَّاسِ})[المطففين: ٢] يريد من الناس وهما يتعاقبان: على ومَنْ هنا؛ لأنه حق عليه (٣).
وهذِه السورة مكية، وقيل: مدنية. وقيل: نزلت في طريقه من مكة إلى المدينة. وقال السدي: استقبل بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو داخل المدينة من مكة -شرفها الله- وقيل: أولها مدني وآخرها مكي. وقال ابن عباس: كان يمر عليٌّ على الحارث بن قيس وناس معه فيسخرون من علي ويضحكون؛ ففيه نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩)} إلى آخر السورة. وقال السدي فيما حكاه الواحدي عنه في "أسبابه": قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وبها رجل يقال له: أبو جهينة ومعه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر. فأنزل الله الآية (٤). وقال الطبري في "تفسيره": كان عيسى بن عمر فيما ذكر عنه يجعلهما حرفين ويقف على كالوا وعلى وزنوا، ثم يبتدئ فيقول: هم يخسرون، والصواب عندنا الوقف على هم (٥).