بغير حق، وكذا ما كان من هبة أو صدقة ونحوهما، وهذا استثناء منقطع بالإجماع، أي: لكن لكم أكلها تجارة عن تراض منكم، وخص الأكل بالنهي؛ تنبيهًا عَلَى غيره؛ لكونه معظم المقصود من المال، كما قَالَ:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى}[النساء: ١٠] و {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥]. وقام الإجماع عَلَى أن التصرف في المال بالحرام باطل حرام، سواء كان أكلًا أو بيعًا أو هبة أو غير ذلك.
والباطل: اسم جامع لكل ما لا يحل في الشرع كالزنا (١)، والغصب والسرقة، والجناية، وكل محرم ورد الشرع به.
وفي {تِجَارَةً} قراءتان: الرفع عَلَى أن تكون تامة، والنصب عَلَى تقدير: إلا أن يكون المأكول تجارة، أو إلا أن تكون الأموال أموال تجارةٍ فحذف المضاف (٢).
قَالَ الواحدي: الأجود الرفع: لأنه أدل عَلَى انقطاع الاستثناء؛ ولأنه لا يحتاج إلى إضمار.
و {عَن تَرَاضٍ مِنكُم}[النساء: ٢٩] يرضى كل واحد منهما بما في يده، قَالَ أكثر المفسرين: هو أن يخير كل واحد من البائعين صاحبه بعد عقد البيع عن تراضٍ، والخيار بعد الصفقة.
ثم الآيات التي ذكرها الإمام البخاري ظاهرة في إباحة التجارة، إلا قوله:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً} فإنها عتب عليها، وهي أدخل في النهي منها في الإباحة لها، لكن مفهوم النهي عن تركه قائمًا اهتمامًا أنها
(١) في (م): (كالربا). (٢) انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٢/ ١٥١ - ١٥٢، و"الكشف عن وجوه القراءات السبع" ١/ ٣٨٦.