وقد سلف أن هذا الحديث من أفراد البخاري وفي لفظ له: "فالتمسوها في السبع والتسع والخمس" (١) ومعنى تلاحيا: تماديا (٢) أو تسابا.
قال ابن فارس: اللحا: الملاحاة، وهي المسارعة (٣)، وقال الهروي: هما كالسباب.
ومعنى "فرفعت": أي رفع تعينها بدليل قوله: "فالتمسوها" فرفع علمها عنه بسبب تلاحيهما، فحرموا بركة تعينها، وهو دال على أن الملاحاة والخلاف تصرف فضائل كثير من الدين وتحرم أجرًا عظيمًا: لأن الله لم يرد التفرق بين عباده إنما أراد الاعتصام بحبله، وجعل الرحمة مقرونة بالاعتصام بالجماعة: لقوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: ١١٨ - ١١٩] وقد يذنب القوم فتتعدى العقوبة إلى غيرهم، وهذا في الدنيا، وأما في الآخرة فلا تزر وازرة وزر أخرى.
وقد روي وجه آخر في رفع معرفتها من حديث أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أريت ليلة القدر، ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها، فالتمسوها في العشر الغوابر" (٤).
(١) سلف برقم (٤٩). (٢) ورد بهامش الأصل: لعله: تماريا. (٣) "المجمل" ٣/ ٤٠٨. (٤) رواه مسلم (١١٦٦).