خرج قوله - عليه السلام -"من ألقى سلاحه فهو آمن، ومن دخل الكعبة أو دار أبي سفيان فهو آمن"(١) فإنما قصد الأمر بأمان من ألقى سلاحه ودخل في ذلك، ولم يرد بذلك الخبر، ومثل قوله تعالى:{وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨] يعني بذلك الأمر لهن بالتربص دون الخبر عن تربص كل مطلقة؛ لأنها قد تعصي الله ولا تتربص، فلذلك قال:{وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}[آل عمران: ٩٧] أي أمنوا من دخله، فهو داخل على صفة من يجب أنْ يؤمن، فمن لم يفعل ذلك عصى وخالف، ومتى جعلنا هذا القول أمرًا بطل تمويههم.
قال القاضي أبو بكر بن الطيب: وقد يجوز أن يكون أراد تعالى كان آمنا يوم الفتح، وقت قوله:"من ألقى سلاحه فهو آمن .. " إلى آخره فلا يناقض عدم الأمن في غير ذلك الوقت وجوده فيه، فيكون الأمن في بعض الأوقات دون جميعها، وسيأتي في باب: لا يحل القتال بمكة (٢)، زيادة في هذا المعنى.
وأما حديث الباب فذكره في اللقطة معلقًا فقال: وقال طاوس عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يلتقط لقطتها إلا من عرفها"(٣) وقد أسنده هنا كما تراه وسيأتي حكمه -إن شاء الله- وفي الحج أيضًا.
(١) رواه مسلم (١٧٨٠) كتاب: الجهاد والسير، باب: فتح مكة. (٢) انظر ما سيأتي برقم (١٨٣٤). (٣) سيأتي قبل حديث (٢٤٢٣) باب: كيف تعرف لقطة أهل مكة.