في الحلي المتخذ للنساء (١)، وقال مالك: لا زكاة فيه، وهو مذهب ابن عمر، وابن عباس، وجابر، وأنس، وعائشة، وأسماء (٢)، وهو أظهر قولي الشافعي (٣)، ولا حجة في الحديث الأول؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما حضهن على صدقة التطوع. فقال:"تصدقوا" ولو كان ذلك واجبًا لما قال: "ولو مِنْ حُليِّكن"(٤)، ومما يرد قوله أنه لو كان ذلك من باب الزكاة لأعطينه بوزن ومقدار، فدل أنه تطوع. وأيضًا هو كالأثاث، وليس كالرقة. وهذا إجماع أهل المدينة، وذكر مالك عن عائشة أنها كانت تحلي بنات أخيها -يتامى كن في حجرها- لهن الحلي ولا تخرج منه الزكاة، وكان يفعله ابن عمر (٥).
وأما حديث أسماء قد أخرجه مسلم أيضًا (٦). فإنما سألته عن الصدقة، وقالت يا رسول الله: ما لي إلا ما أدخل على الزبير. أفأتصدق؟ قَالَ:"تصدقي ولَا تُوكِي فَيُوكِي الله عَلَيْكِ". والمعنى: لا توكي مالكِ عن الصدقة، ولا تتصدقين خشية نفاده، وتدخريه فيوكي الله عليك أي: يمنعكِ. ويقطع مادة الرزق عنكِ، و (توكي) بالتاء لأنه خطاب للمؤنث، فسقطت النون للنهي فدل الحديث على أن الصدقة تنمي المال، وتكون سببًا إلى البركة والزيادة فيه، وأن من شح ولم يتصدق فإن الله يوكي عليه، ويمنعه من البركة في ماله، والنماء فيه.