وقال المنذري في "حواشيه": قيل: معناه: تطيب تلك الأيام، حَتَّى لا تكاد تُستطال بل تقصر. وقيل: على ظاهره من قصر مددها.
وقيل: تقارب أحوال أهله في قلة الدين حَتَّى لا يكون فيهم من يأمر بالمعروف، ولا يُنهى عن منكر؛ لغلبة الفسق وظهور أهله.
قَالَ الطحاوي: وقد يكون معناه في ترك طلب العلم خاصة.
وقوله: ("يكثر الهرج وهو القتل"). " قَالَ ابن التين: الهرج ساكن الراء: القتل، كما ذكر وبتحريكها: أن تظلم عينا البعير من شدة الحر.
وقوله: ("حَتَّى يكثر فيكم المال فيفيض") الفيض: الكثيرة، كما قاله أهل اللغة (١). قَالَ صاحب "المطالع": يفيض المال أي: يكثر حَتَّى يفضل منه بأيدي ملاكه ما لا حاجة لهم به. وقيل: بل ينتشر في الناس ويعمهم، وهو الأولى.
وقد سلف نحو هذا الحديث في باب رفع العلم (٢)، فليراجع منه.
وفي الحديث أشراط من الساعة قد ظهرت، قَالَ ابن بطال: ونحن في ذلك قد قُبض العلم، وظهرت الفتن، وعمت وطبقت، وكثر الهرج -وهو القتل- وكثر المال، ولا سيما عند أراذل الناس، كما جاء في الحديث "عند تقارب الزمان يكون أسعد الناس في الدعاء لكع بن لكع" (٣)، "ويتطاول،
(١) انظر: "الصحاح" ٦/ ٣٥٠٠. (٢) سبق برقم (٨٥) كتاب: العلم. (٣) رواه الترمذي برقم (٢٢٠٩) كتاب: الفتن، باب: منه. وأحمد ٥/ ٣٨٩. والبيهقي في "دلائل النبوة" ٦/ ٣٩٢. والبغوي في "شرح السنة" ١٤/ ٣٤٦ (٤١٥٤). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، إنما نعرفه من حديث عمرو بن أبي عمرو. =