وهذا رواه ابن أبي شيبة، عن حفص، عن عاصم، عن الشعبي والحسن وابن سيرين: أنهم قالوا: صل في السفينة قائما، وقال الحسن: لا تشق على أصحابك (١). وفي رواية الربيع بن صبيح: أن الحسن ومحمدا، قالا: يصلون فيها قيامًا جماعة، وتدورون مع القبلة حيث دارت (٢).
وروي أيضا عن مجاهد أن جنادة بن أبي أمية قال: كنا نغزو معه فكنا نصلي في السفينة قعودًا (٣)، وحكي فعله أيضًا عن أنس بن مالك قال: وكان أبو قلابة لا يرى به بأسًا (٤)، وقال طاوس: صلِّ قاعدًا (٥).
فإن قلت: ما وجه دخول هذا في الصلاة على الحصير؟ قلت: لأنهما اشتركا في الصلاة على غير الأرض لئلا يتخيل أن مباشرة المصلي الأرض شرط من قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ:"عفر وجهك في التراب"(٦) نبه عليه ابن المنير (٧).
واختلف العلماء في الصلاة في السفينة، فقال أبو حنيفة: ومن صلى في السفينة قاعدًا من غير عذر أجزأه، والقيام أفضل (٨)، وكذا قال الثوري: لإنه أبعد عن شبهة الخلاف وجوَّز؛ لأن الغالب في السفينة دوران الرأس. وقال صاحباه ومالك والشافعي: لا يجوز أن يصلي
(١) "المصنف" ٢/ ٦٩ (٦٥٦٥). (٢) المصدر السابق ٢/ ٧٠ (٦٥٧٧). (٣) المصدر السابق ٢/ ٦٩ (٦٥٥٩). (٤) المصدر السابق ٢/ ٩٦ (٦٥٦١). (٥) المصدر السابق ٢/ ٩٦ (٦٥٦٢). (٦) لم أعثر عليه. (٧) "المتواري" ص ٨٤. (٨) انظر: "فتح القدير" ٢/ ٨، "المبسوط" ٢/ ٢ - ٣.