وقد يقال: القائم أجدر بهذِه الخشية من القاعد، واعلم أن بعضهم ادعى نسخ حديث حذيفة بعائشة.
قَالَ أبو عوانة في "صحيحه" بعد أن أخرجه بلفظ: ما بال قائمًا منذ أنزل عليه القرآن. حديث حذيفة منسوخ بهذا (١).
وقال الحاكم في "مستدركه" بعد أن أخرجه بلفظ: ما رأى أحد النبي - صلى الله عليه وسلم - يبول قائمًا منذ أنزل عليه القرآن: الذي عندي أنهما لما اتفقا على حديث حذيفة وجدا حديث عائشة معارضًا له تركاه (٢) -ولك أن تقول: إنه غير معارض؛ لأن عائشة أخبرت بما شاهدت ونفت ما علمت وذلك الأغلب من حاله، ثم المثبت مقدم على النافي (٣)، ثم حذيفة من الأحدثين، فكيف يتجه النسخ؟!
ثامنها:
روي في النهي عن البول قائمًا أحاديث لا تثبت، وحديث عائشة السالف ثابت.
ومن الأحاديث الضعيفة حديث جابر: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل أن يبول قائمًا (٤). وسبب ضعفه عدي بن الفضل راويه.
(١) "مسند أبي عوانة" ١/ ١٩٦ (٥٠٤). (٢) "المستدرك" ١/ ١٨٥. (٣) ورد بهامش الأصل ما نصه: من خط المصنف، وروى ابن ماجه، عن سفيان بن سعيد: الرجل أعلم بهذا من المرأة. (٤) رواه ابن ماجه (٣٠٩)، وابن عدي في "الكامل" ٧/ ٩٤ ترجمة (١٥٤٠)، وابن شاهين في "ناسخه" (٣٨٥)، والبيهقي ١/ ١٠٢. وقال البوصيري: في "مصباح الزجاجة" ١/ ٤٥: إسناد جابر ضعيف لاتفاقهم على ضعف عدي بن الفضل، وقال الألباني في "ضعيف ابن ماجه" (٦٤): ضعيف جدًا.