وموضع الترجمة من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن اليهود لما بلغهم (أن)(١) النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ألزمهم العمل به والإيمان بموجبه قالوا له: قد بلغت يا أبا القاسم. رادين لأمره في عرضه عليهم الإيمان، فبالغ في تبليغهم وقال "ذلك أريد" ومن روى: "ذلك أريد" بمعنى: أريد بذلك بيانا بتكرير التبليغ، وهذه مجادلة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكتاب بالتي هي أحسن.
وقد اختلف العلماء في تأويل هذه الآية، فقالت: هي (مجملة)(٢) ويجوز مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن على معنى الدعاء لهم إلى الله والتنبيه على حججه وآياته رجاء إجابتهم إلى الإيمان. وقوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}[العنكبوت: ٤٦] معناه: إلا الذين نصبوا للمؤمنين الحرب، فجادلوهم بالسيف حتى يسلموا أو يعطوا الجزية. هذا قول مجاهد وسعيد بن جبير (٣). وقال ابن زيد: معناه: لا تجادلوا أهل الكتاب -يعني: إذا أسلموا وأخبروكم بما في كتبهم إلا بالتي هي أحسن- في المخاطبة، إلا الذين ظلموا بإقامتهم علي (الأمر)(٤)، فخاطبوهم بالسيف (٥). وقالوا: هي محكمة. وقال قتادة: هي منسوخة بآية القتال (٦).
(١) كذا بالأصل، والصواب حذفها. (٢) كذا بالأصل، وفي "شرح ابن بطال" (محكمة). (٣) رواه الطبري عنهما في "تفسيره" ١٠/ ١٤٩ (٢٧٨١٦ - ٢٧٨٢٠). (٤) كذا بالأصل، وفي "شرح ابن بطال" (الكفر). (٥) السابق ١٠/ ١٥٠ (٢٧٨٢١). (٦) السابق ١٠/ ١٥٠ (٢٧٨٢٢).