جوابه: أنه استغنى بعدم جوابه عنه به. واعترض الداودي علي قوله:(ولم يقل برأي ولا قياس) فقال: ليس كما قال بل كان يقول بدليل حديث: "عسي أن يكون نزعه عرق"، ولما رأى شبه عتبة بابن وليدة زمعة قال لسودة:"احتجبي منه"(١)، وقال للذي قال: يكون لأحدنا الإبل كالغزلان فيجعلها مع الجرباء فلا ينشب أن يجرب، فقال:"فمن أجرب الأول"(٢).
قال تعالي:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ}[التوبة: ١٢٢] الآية، وقال عمر: إن الرأي كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصيبًا؛ لأن الله تعالى يريه، "انما هو منا الظن والتكليف فلا تجعلوا حظ الرأي سنة للأمة (٣). وقال علي: ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة أو فهم يعطاه المرء في كتاب الله (٤).
وقال تعالي:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} الآية [النساء: ١٠٥]، وقال: وهذا هو الدليل ليس ما زعم به البخاري أنه النصوص، وقال تعالي:{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}[الحشر: ٢] وقال: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ}[النساء: ٨٣] والاستنباط غير النص، وسأل عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكلالة، فرده إلى الاعتبار ليعلم ذلك، وقال عمر - رضي الله عنه - لحفصة - رضي الله عنها -: ما أرى أباك يعرف
(١) سلف برقم (٢٠٥٣) كتاب: البيوع، باب: تفسير المشبهات. (٢) رواه الترمذي (٢١٤٣) من حديث ابن مسعود، وابن ماجه (٨٦) من حديث ابن عمر، وقد سبق برقم (٥٧١٧) كتاب: الطب، باب: لاصفر .. ، من حديث أبي هريرة بلفظ "فمن أعدى الأول". (٣) رواه أبو داود (٣٥٨٦)، والبيهقي ١٠/ ٣٨٦، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" ٢/ ١٠٤٠ (٢٠٠٠) وهو من رواية الزهري، ولم يدرك عمر - رضي الله عنه -. (٤) سلف برقم (١١١) كتاب العلم، باب: كتابة العلم.