قبورا" (١) وشذ بعضهم، فقال: يحتمل من فرضه في بيته عملًا بهذا الحديث، وجعله ناسخًا للأول ولا نسخ.
فصل:
والجَدُّ في حديث المغيرة -بفتح الجيم- أي: الغني، ويقال: الحظ والبخت، وقال الداودي: هو الشرف، وقال ابن حبيب: هو بالكسر وهو من جد الاجتهاد، وأنكره من قال: الجد الاجتهاد في الله، والله دعا الخلق إلى طاعته وأمرهم بالاجتهاد، لأداء فرائضه. فكيف لا ينفع ذلك عنده!
وقيل: يريد المجتهد في طلب الدنيا لا ينفعه ذلك عنده، وقيل: يريد لا ينفع ذا الاجتهاد وصل اجتهاده في الهرب ولا في الطلب ما لم يقسم له.
وقيل: معنى الفتح وغيره: لم يكن عليه جرم، فيدل أن استعمالها كان متتابعًا قبل ذلك أن من أتاه الله ملكًا أو شيئًا فأعظم به شأنه لم يكن نال شيئًا فيه إلا بعطاء الله إياه.
وقوله: "منك الجد"، قال الخطابي:(من) هنا بمعنى البدل، كقوله:
فليت لنا من ماء زمزم شربة … [مبردة باتت](٢) على الطهيان
يريد: ليت لنا بدل ماء زمزم، والطهيان: البَرَّادة (٣).
(١) سلف برقم (٤٣٢) كتاب: الصلاة، باب: كراهية الصلاة في المقابر، ورواه مسلم (٧٧٧) كتاب: صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة النافلة في بيته. (٢) في الأصل: فاتت، والمثبت من "أعلام الحديث". (٣) "أعلام الحديث" ١/ ٥٥٢.