وقوله:(لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَبًا). هو (لما) بمعنى (إلا) مشدَّد، حكى سيبويه: تقول: نشدتك الله لما فعلت، أي: إلا فعلت (١). وفي "الصحاح"وقول من قال: (لما) بمعنى (إلا) ليس يعرف في اللغة (٢).
وقوله:(خمدت النار). هو بفتح الميم، وضبط بكسرها وليس بمعروف في اللغة، ومعنى (خمدت): سكن لهبها ولم يطفأ جمرها، وهدت إذا طفئ جمرها.
وقوله: ("لَوْ دَخَلْوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا"). قال الداودي: إن كان محفوظًا فيحتمل أن يريد تلك النار نفسها فيموتوا فيها، ليس أنهم يخلدون في جهنم؛ لقوله:"يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان"(٣).
قال: وهذا من المعاريض التي فيها مندوحة عن الكذب، وقال المهلب: الأبد يراد به ههنا أبد الدنيا؛ لقوله تعالى:{إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: ٤٨]، ومعلوم أن الذين هموا بدخول النار لم يكفروا بذلك، فيجب عليهم التخليد أبد الآخرة، ألا ترى قولهم:(إنما تبعنا رسول الله فرارًا من النار).
يدل هذا أنه أراد - عليه السلام - لو دخلوها لماتوا فيها ولم يخرجوا منها مدة الدنيا (٤).
(١) "الكتاب" ٣/ ١٠٥ - ١٠٦. (٢) "الصحاح" ٥/ ٢٠٣٣ مادة: (لمم). (٣) رواه الترمذي (٢٥٩٨) من حديث أبي سعيد الخدري، وابن ماجه (٤٣١٢) من حديث أنس بن مالك. (٤) "شرح ابن بطال" ٨/ ٢١٧.