(لم يرد)(١) أن يعبر لهما فحاد فلم (يتركاه)(٢) حتى عبرها. وقيل: أراد تعليمهما أنه نبي وأنه يعلمها بالغيب، فقال:{لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ} الآية ويروى أن الملك كان إذا أراد قتل إنسان وجه إليه طعامًا بعينه لا يجاوزه، ثم أعلمهما أن ذلك العلم من الله لا بكهانة ولا تنجم. فقال:{ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي}[يوسف: ٣٧] ثم أعلمهما أنه مؤمن قال: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ} الآية [يوسف: ٣٧]، ثم قال:{ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ}[يوسف: ٣٨] يقول: إنا جعلنا أنبياء، وبعثنا إليهم رسلاً، ثم دعاهم إلى الإسلام بعد آيات (فقال:)(٣){أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ}[يوسف: ٣٩] ثم قال: {فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا} أي: يكون على شراب الملك. قال ابن مسعود: لما عبر لهما الرؤيا، قالا: ما رأينا شيئًا، فقال:{قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ}(٤) أي: وقع كما قلتُ حقًّا كان أو باطلاً. والرب هنا: الملك، وهو معروف في اللغة، يقال للسيد: رب.
وقوله:{فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ}[يوسف: ٤٢]. قال مجاهد: نسي يوسف - عليه السلام - أن يسأل الله ويتضرع إليه حتى قال لأحد (الفتيين)(٥) ذلك (٦). قال الحسن: مرفوعًا: "لو قال يوسف ذلك ما لبث ما لبث". ثم يبكي الحسن ويقول: نحن ينزل ربنا الأمر من السماء، فنشكوا للناس (٧).
(١) من (ص ١). (٢) في الأصل (يتركها)، والمثبت من (ص ١). (٣) من (ص ١). (٤) تفسير الطبري" ٧/ ٢١٨. (٥) في (ص ١): العبيد. (٦) رواه الطبري في "تفسيره" ٧/ ٢٢١ بنحوه. (٧) المصدر السابق، وهو في "الزهد" لأحمد بن حنبل برواية عبد الله عنه.