الثالثة: لا يختص النهي المذكور بالشرب، بل الطعام مثله فيكره النفخ فيه، والتنفس في معنى النفخ (١). وفي "جامع الترمذي" مصححًا عن أبي سعيد الخدري أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النفخ في الشراب فقال رجل: القذاه أراها في الإناء؟ فقال:"أهرقها". قَالَ: فإني لا أروى من نفس واحد. قَالَ:"فأبن القدح إذًا عن فيك"(٢).
وأما حديث أنس الثابت في الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم -: كان يتنفس في الشراب ثلاثًا (٣). فمعناه: خارج الإناء، أو فعله بيانًا للجواز، أو النهي خاص بغيره؛ لأن ما يتقذر من غيره يستطاب منه.
الرابعة: جواز الشرب من نفس واحد؛ لأنه إنما نهى عن التنفس في الإناء، والذي شرب في نفس واحد لم يتنفس فيه، فلا يكون مخالفًا للنهي، وكرهه جماعة وقالوا: هو شرب الشيطان. وفي الترمذي محسنًّا من حديث ابن عباس مرفوعًا:"لا تشربوا واحدًا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاثًا، وسموا إِذَا أنتم شربتم، واحمدوا إِذَا أنتم رفعتم"(٤).
الخامسة: النهي عن مس الذكر باليمين، وذلك لاحترامها وصيانتها.
= وللتسمية في أول الطعام والشراب وحمد الله في آخره تأثيره عجيب في نفعه واستمرائه ودفع مضرته. قال الإمام أحمد: إذا جمع الطعام أربعًا فقد كمل: إذا ذُكر اسم الله في أوله، وحمد الله في آخره، وكثرت عليه الأيدي، وكان من حل. (١) انظر: "المعونة" ٢/ ٥٨٣. (٢) "سنن الترمذي" (١٨٨٧)، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (١٥٣٨). (٣) سيأتي برقم (٥٦٣١) كتاب: الأشربة، باب: الشرب بنفسين أو ثلاث، ومسلم (٢٠٢٨) كتاب: الأشربة، باب: كراهية التنفس في نفس الإناء. (٤) سنن الترمذي (١٨٨٥)، وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (٦٢٣٣).