السلطان من الإضرار بالمسلمين. قال مالك: وإنما رجم الشارع اليهوديين؛ لأنه لم يكن لليهود يومئذٍ ذمة وتحاكموا إليه. (ونقل ابن الطلاع في "أقضيته" أنهم أهل ذمة) (١). وقال الزجاج في "معانيه": كانا من أهل خيبر.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: يحدون إذا زنوا كحد المسلم، وهو أحد قولي الشافعي، ولما ذكر الطحاوي قول مالك: لم يكن لهم ذمة، قال: لو لم يكن واجبًا عليهم لما أقامه - عليه السلام -، قال: وإذا كان من لا ذمة له قد حد في الزنا، فمن له ذمة أحرى بذلك. قال: ولم يختلفوا أن الذمي يقطع في السرقة، قال ابن عبد البر: وقال بعض من رأى أن آية التخيير في الحكم بين أهل الذمة منسوخة بقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ}[المائدة: ٤٩] على الإمام إذا علم من أهل الذمة حدًّا من حدود الله أن يقيمه عليهم وإن لم يتحاكموا إليه؛ لأن الله يقول:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ}[المائدة: ٤٩] ولم يقل: إذا تحاكموا إليك، قالوا: والسنة تبين ذلك. يعني قول البراء: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيهودي محمم فدعاهم، الحديث (٢). كما ساقه أبو داود. وفيه: أنه حكم بينهم (٣)، ولم يتحاكموا إليه، لكن في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن اليهود أتوه (٤)، وليس فيه أنهما رضيا بحكمه، وقد رجمهما، وسيكون لنا عودة إلى ذلك في بابه -إن شاء الله تعالى- حيث ذكره البخاري.
(١) من (ص ١). (٢) "الاستذكار" ٢٤/ ١٧ - ١٨. (٣) رواه أبو داود (٤٤٤٧). (٤) المصدر السابق (٤٤٤٦).