"بينا رجل ممن كان قبلكم لم يعمل خيرا إلا التوحيد فقال لأهله: إذا متُّ فأحرقوني" وفيه: "ما حملك على ما فعلت قال: استحياء منك يا رب فغفر له"(١).
وذكر البخاري في باب: ما ذكر عن بني إسرائيل، قال حذيفة: كان نباشا (٢) فغفر له لشدة مخافته، فأقرب الوسائل إلى الله خوفه، وأن لا يأمن المؤمن مكره. قال (خالد)(٣) الربعي: وجدت فاتحة زبور داود: رأس الحكمة خشية الرب (٤)، وكان السلف الصالح قد (أشرب)(٥) الخوف من الله قلوبهم، واستقلوا أعمالهم ويخافون أن لا تقبل منهم مع مجانبتهم للكبائر.
وروي عن عائشة - رضي الله عنها -: أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}[المؤمنون: ٦٠] قال: "يا ابنة الصديق هم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ويفرقون أن لا يقُبل منهم"(٦). وقال مطرف بن عبد الله: كاد خوف النار يحول بيني وبين أن أسأل الله الجنة. وقال بكر لما نظر إلى أهل عرفات: ظننت أنهم قد غفر لهم لولا أني كنت معهم (٧). فهذِه صفة العلماء بالله الخائفين له يعدون أنفسهم من الظالمين الخاطئين وهم أنزاه (أبرار)(٨) مع
(١) "الرسالة القشيرية" ص ٢٩٨. وانظر ما سلف برقم (٣٤٥٢). (٢) سلف برقم (٣٤٥٢)، كتاب الأنبياء. (٣) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" ٧/ ٩١ (٣٤٢٤١). (٤) في الأصل: أشرأب، ولعل الصواب ما أثبتناه. (٥) في الأصل: (خلف)، والمثبت هو الصواب كما في مصادر التخريج. (٦) رواه الحميدي ١/ ٢٩٨. (٧) رواه البيهقي في "الشعب" ٦/ ٣٠٢. (٨) في الأصل: (براء من).