والصمت فيه غير واسع، روِي عنه - عليه السلام - أنه قال:"أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضًا في الباطل"(١).
وقال: التقي ملجم لا يتكلم بكل ما يريد، وقال:"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"(٢). وقال عيسى - صلى الله عليه وسلم -: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فيقسي قلوبكم؛ فإن القلب القاسي بعيد من الله (٣). قال مالك: من لم يعد كلامه من عمله كثر كلامه، ويقال: إن من علم أن كلامه من عمله قل كلامه. قال مالك: ولم كونوا يهدرون الكلام هكذا، ومن الناس من يتكلم بكلام شهر في ساعة، وذكر عن بعض السلف أنه قال: لو كانت الصحف التي تكتب فيها أعمالنا من عندنا لأقللنا الكلام.
وكان أكثر كلام أبي بكر - رضي الله عنه -: لا إله إلا الله، يقول: كان الأمر كذا ولا إله إلا الله، وكان كذا ولا إله إلا الله.
فصل:
والآية المذكورة أولاً قال فيها الحسن وقتادة: يكتبان جميع الأشياء، وقال: وخصه عكرمة بالخير والشر (٤). ويقوي الأول تفسير أبي صالح في قوله:{يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ}[الرعد: ٣٩]، إن الملائكة تكتب كل ما يتكلم به المرء، فيمحو الله تعالى منه ما ليس له ولا عليه، ويثبت ما له وما عليه. والعتيد: الحاضر المهيأ.
(١) رواه الطبراني ٩/ ١٠٤ (٨٥٤٧)، والبيهقي في "الشعب" ٧/ ٤١٦ (١٠٨٧)؛ وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع" (١٣٩٣). (٢) رواه الترمذي (٢٣١٧)، وابن ماجه (٣٩٧٦)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٥٩١١). (٣) رواه مالك في "الموطأ" ص ٦١٠. (٤) رواه الطبري في "تفسيره" ١١/ ٤١٦ - ٤١٧ (٣١٨٦٤).