وقوله:{فَانْشُزُوا} أي: وإذا قيل: ارتفعوا فارتفعوا، وقوموا إلى قتال عدو، أو صلاة، أو عمل خير، قال الحسن: انهِزوا إلى الحرب (١).
وقال قتادة ومجاهد: تفرقوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقوموا. وقال ابن زيد: انشزوا عنه في بيته؛ فإن له حوائج (٢). وقال صاحب "الأفعال": نشز القوم من مجلسهم، قاموا منه (٣).
فصل:
واختلف في تأويل نهيه عن أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر. فتأوله قوم على الندب، وقالوا: هو من باب الأدب؛ لأنه قد يجب للعالم أن يليه أهل الفهم (والفطن)(٤) يوسع لهم في الحلقة حتى يجلسوا بين يديه، وتأوله قوم على الوجوب، وقالوا: لا ينبغي لمن سبق إلى مجلس مباح للجلوس أن يقام منه. واحتجوا بحديث معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به"(٥).
(وقالوا: وقد كان ابن عمر يقوم له الرجل من تلقاء نفسه فما يجلس في مجلسه)(٦)(٧) قالوا: وابن عمر راوي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو أعلم بتأويله.
(١) انظر: "زاد المسير" ٨/ ١٩٢. (٢) رواه الطبري ١٢/ ١٨. (٣) "الأفعال" ص ٢٦٣. (٤) في (ص ٢): (النهى). (٥) رواه مسلم (٢١٧٩). (٦) رواه عبد الرزاق في "المصنف" ٣/ ٢٦٨، وابن خزيمة في "صحيحه" ٣/ ١٦٠. (٧) من (ص ٢).