لا، وإنما هو الكلام السجع؛ وذلك أنه يقال لصانعه: راجز، ولا يقال: شاعر.
و (الحُداء) بضم الحاء والمد: مصدر، يقال: حدوت الإبل حدوًا وحداء، وهو سوق الإبل والغناء لها، مثل: دعوت دعاء، ويقال للشمال: حدوًا؛ لأنها تدعو السحاب. (وحكى الأزهري وغيره: كسر الحاء أيضًا وأول من اتخذه قريش)(١).
ثم ذكر البخاري قوله تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤)} إلى آخر الآية: {فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ}[الشعراء: ٢٢٤ - ٢٢٥].
(قال ابن عباس: في كل لغو يخوضون).
قال ابن عباس:{الْغَاوُونَ}: الرواة، وقال الضحاك: هما اثنان تهاجيا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أحدهما أنصاري، وكان مع كل واحد منهما جماعة، وهم الغواة أي: السفهاء. وقال عكرمة: هم الذين يتبعون الشاعر. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد:{الْغَاوُونَ}: الشياطين. وروي عنه: هم الذين يتبعون ويروون شعرهم (٢).
ونقل ابن بطال عن أهل التأويل -منهم ابن عباس وغيره- أنهم شعراء المشركين يتبعهم غواة الناس، ومردة الشياطين وعصاة الجن، ويروون شعرهم؛ لأن الغاوي لا يتبع إلا غاويًا مثله. وقول ابن عباس:(في كل لغو يخوضون). وقيل: في كل واحد من القول يهيمون. قال أبو عبيدة: الهائم: المخالف للقصد في كل شيء (٣).
(١) من (ص ٢). (٢) انظر "تفسير الطبري" ٩/ ٤٨٨ - ٤٨٩، "تفسير ابن أبي حاتم" ٩/ ٢٨٣١ - ٢٨٣٢. (٣) "مجاز القرآن" ص ٩١.