فقال ابن حبيب: لا يأتي بها؛ لأن فيها اشتراكًا، وخالفه ابن الحلاب والقاضي أبو محمد، وقيل: يقول: عليكم السِّلام -بالكسر- وقال طاوس: يرد: وعلاك السلام، أي: ارتفع، وقال النخعي: إذا كان لك عنده حاجة تبدأ بالسلام ولا ترد عليه كاملا فضيلة وتكرمة، فلا يجب أن يكرم كالمسلم، وسمح بعضهم في رد السلام عليكم. واحتج بقوله:{فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ}[الزخرف: ٨٩] ولو كان كما قال لكان سلامًا بالنصب، وإنما يعني بذلك على اللفظ والحكاية وأيضًا فإن الآية قيل: إنها منسوخة بآية القتال (٢).
فرع:
اختلف هل يكنى اليهودي؟ فكرهه مالك، ورخص فيه ابن عبد الحكم، واحتج بقوله - عليه السلام -: "أنزل أبا وهب"(٣).
فصل:
في هذين الحديثين أدب عظيم من آداب الإسلام وحض على الرفق بالجاهل والصفح والإعفاء عنه؛ لأنه عليه السلام ترك مقابلة اليهود بمثل قولهم، ونهى عائشة عن الإغلاظ في ردها وقال: "مهلًا يا عائشة، إن الله يحب
(١) "الصحاح" ٥/ ١٩٥٥. وانظر أيضًا "غريب الحديث" لابن قتيبة ١/ ٣٥٧، "النهاية" لابن الأثير ٢/ ١٤٢. (٢) انظر: "الاستذكار" ٢٧/ ١٤٠ - ١٤٢. (٣) رواه مالك في "الموطأ" ص ٣٣٦ (٤٤) عن الزهري مرسلاً، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" ١٢/ ١٩: لا أعلمه يتصل من وجه صحيح، وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده إن شاء الله.