سميت حجة الوداع؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - ودعهم فيها وعلمهم أمر دينهم وأوصاهم بتبليغ الشرع لمن غاب عنه بقوله:"ليُبلغ الشاهدُ الغائبَ" والقياس في الحجة الفتح؛ لكونه اسمًا للمرة لا للهيئة، والمسموع: الكسر، قَالَ الهروي وغيره: هو المسموع في واحده (١).
وحضور جرير حجة الوداع يدل عَلَى تقدم إسلامه، فإنه قيل: أسلم في رمضان سنة عشر (٢)، وقد أسلفنا أنه قيل: أسلم قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - بأربعين يومًا.
ومعنى "لا تَرْجِعوا": لا تصيروا. قَالَ ابن مالك: رجع هنا بمعنى: صار (٣).
وقوله:"بَعْدي" أي: بعد فراقي من موقفي هذا، قاله الطبري (٤).
وقال غيره:"بَعْدِي" أي: خلافي، أي: لا تخلفوني في أنفسكم بعد الذي أمرتكم به، ويحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - علم أن هذا لا يكون في حياته فنهاهم عنه بعد وفاته.
وقوله:"يضرب" هو برفع الباء عَلَى الصواب، وهو الرواية أي: لا تفعلوا فعل الكفار. فتشبهوا بهم في حالة قتل بعضهم بعضًا، ومحاربة بعضهم بعضًا، وهذا أولى الوجوه في تأويله كما قاله القاضي (٥).