ولما كان تقع (به)(١) الفرقة عند الجميع بغير نية علم أنه ليس كالمكني الذي يحتاج إلى نية، وعلم أنه طلاق.
وقال الشافعي: فإن قيل: فإذا جعلته طلاقًا فاجعل فيه الرجعة. قيل له: لما أخذ من المطلقة عوضًا، كان كمن ملك عوضًا بشيء خرج عن ملكه، فلم يكن له رجعة فيما ملك عليه، فكذلك المختلعة (٢).
فصل:
واختلفوا في الخلع بأكثر مما أعطاها، فقالت طائفة: لا يجوز له الخلع بأكثر من صداقها هذا قول عطاء وطاوس، وكره ذلك ابن المسيب والشعبي والحكم (٣).
وقال الأوزاعي: كانت القضاة لا يجيزون له منها أكثر مما ساق إليها، وبه قال أحمد وإسحاق. قالوا: وهو ظاهر حديث ثابت؛ لأن امرأته إنما ردت عليه حديقته فقط، وحكاه ابن التين عن أهل الكوفة.
وقالت طائفة: يجوز أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها، وهو مذهب عثمان وابن عمر وقبيصة والنخعي، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأبو ثور. وقال مالك: يجوز أن يأخذ منها أكثر مما ساق إليها، وليس من مكارم الأخلاق.
قال: ولم أر أحدًا ممن يقُتدى به يكره ذلك، وقد قال الله تعالى:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}[البقرة: ٢٢٩] وقد نزع بهذِه الآية قبيصة بن ذؤيب (٤). قال إسماعيل: وقد احتج بهذِه الآية من قال: يجوز أن يأخذ
(١) من (غ). (٢) "مختصر المزني" ٤/ ٥٢. (٣) انظر هذِه الآثار في "مصنف عبد الرزاق" ٦/ ٥٠١، ٥٠٣، ٥٠٤. (٤) انظر هذِه المسألة في: "مختصر اختلاف العلماء" ٢/ ٤٦٤ - ٤٦٥، "شرح ابن بطال" ٧/ ٤٢٢ - ٤٢٣، "الإشراف" ١/ ١٩٥.