وهو قول الحسن البصري (١)، والأول هو الصحيح لحديث عائشة - رضي الله عنها -، وقد أوضحنا ذلك في تفسير سورة الأحزاب بزيادة.
والتخيير -كما سلف- هو أن يجعل الطلاق إلى المرأة، فإن لم تمتثل فلا شيء عليه كغيرها. والفرق بين التخيير والتمليك عند مالك أن قول الرجل: قد ملكتك. أي: قد ملكتك ما جعل الله لي من الطلاق واحدة، أو اثنتين أو ثلاثًا، فلما جاز أن يملكها بعض ذلك دون بعض وادعى ذلك كان القول قوله مع يمينه.
وقال في الخيار: إذا اختارت نفسها المدخول بها فهو الطلاق كله، وإن أنكر زوجها فلا (تكن)(٢) وإن اختارت واحدة فليس بشيء، وإنما الخيار البتات وإما أخذته، وإما تركته (٣)؛ لأن معنى التخيير: التسريح، قال تعالى:{فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ}[الأحزاب: ٢٨] فمعنى التسريح: البتات؛ لأن الله تعالى قال:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} والتسريح بإحسان هي الثالثة، كما سلف. وقال جماعة: أمرك بيدك، واختاري سواء.
قال الشعبي: هو في قول عمر وعلي وزيد بن ثابت سواء (٤)، وهو قول النخعي وحماد والزهري وسفيان والشافعي وأبي عبيد (٥).
فصل:
اختلفت المالكية: هل له أن يناكرها في التخيير؟ فقال مالك وأكثر
(١) انظر هذِه الآثار في "مصنف عبد الرزاق" ٧/ ٩، ١٠. (٢) كذا في الأصل، والذي في "الاستذكار" ١٧/ ١٦٧: (تكره له). (٣) انظر: "الاستذكار" ١٧/ ١٦٧. (٤) انظر هذِه الآثار في "مصنف ابن أبي شيبة" ٤/ ٩٢. (٥) انظر: "الإشراف" ١/ ١٥٧.