وحديث أبي الشعثاء عن أبي هريرة أنه رأى رجلًا خارجًا من المسجد بعد الآذان فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم (١)، ومثل هذا لا يكون رأيًا، وإنما كان توقيفًا، نبه على ذلك ابن بطال (٢)، ومثله حديث عمار:"من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم"(٣)، وكذا قال ابن عبد البر: ظاهره أنه موقوف من رواية الجمهور من أصحاب مالك، إلا أن قوله:(فَقَدْ عَصَى الله وَرَسُولَهُ). يقتضي رفعه عندهم، وقد رواه (روح بن القاسم)(٤) عن مالك فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بئس الطعام طعام الوليمة" الحديث، ورواه معمر عن الزهري عن ابن المسيب والأعرج عن أبي هريرة.
قال عبد الرزاق: وربما قال معمر في هذا الحديث: ومن لم يأت الدعوة، فقد عصى الله ورسوله (٥).
قال أبو عمر: وحديث أبي هريرة هذا مسند عندهم إلا رواية من رواه مرفوعًا بغير إشكال مما يشهد لما ذكرنا (٦).
ولأبي الشيخ: قال إبراهيم بن بشار الرمادي: قالوا لسفيان: هذا مرفوع. قال: لا، ولكن فيه: فقد عصى الله ورسوله.
(١) رواه مسلم (٦٦٥) كتاب المساجد، باب النهي عن الخروج من المسجد إذا أذن المؤذن. (٢) "شرح ابن بطال" ٧/ ٢٨٩. (٣) سبق تخريجه في كتاب الصوم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الهلال فصوموا". (٤) في الأصول: روح وابن القاسم، وهو خطأ والمثبت هو الصواب، وهو روح بن القاسم التميمي العنبري، أبو غياث البصري. انظر ترجمته في: "تهذيب الكمال" ٩/ ٢٥٢ - ٢٥٤. (٥) عبد الرزاق ١٠/ ٤٤٧ - ٤٤٨ (١٩٦٦٢). (٦) "الاستذكار" ١٦/ ٤٣٩ - ٣٥١.