وانفرد نافع بالكسر من (عسيتم)، والباقون على الفتح (٢)، وقد حكى عبد الله بن مغفل أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأها بكسر السين.
والرحم مشتقة من الرحمة، وهي عرض جعلت في جسم، ولذلك قامت وتكلمت، كما أسلفناه في الموت، ويجوز كما قال القاضي أن يكون المراد: قام ملك من الملائكة وتعلق بالعرش تكلم عن لسانها بهذا بأمر الله.
قال: ويجوز أن يكون قيامها ضرب مثل وحسن استعارة على عادة العرب في استعمال ذلك، والمراد تعظيم شأنها وفضلية واصلها وعظيم إثم قاطعها بعقوقهم، وبهذا سمي العقوق قطعًا، والعق: الشق كأنه قطع ذلك السبب المتصل.
واختلف في الرحم التي يجب صلتها، كما قال القاضي، فقال بعضهم: هي كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى حرمت مناكحتهما، فعلى هذا لا تجب في بني الأعمام وبني الأخوال؛ لجواز الجمع في النكاح دون المرأة وأختها وعمتها، وقيل: بل هذا في كل ذي رحم ممن ينطلق عليه ذلك من ذوي الأرحام في المواريث محرمًا كان أو غيره، وهذا هو الصواب؛ لقوله - عليه السلام - في أهل مصر:"فإن لهم ذمة ورحمًا"(٣)، وقوله: "إن أبر البر أن
(١) "سنن النسائي الكبرى" ٦/ ٤٦١ (١١٤٩٧). (٢) انظر: "تفسير الطبري" ١١/ ٣٢٠، "الحجة" للفارسي ٢/ ٣٤٩، "الكشف" ١/ ٣٠٣. (٣) رواه مسلم (٢٥٤٣) كتاب: فضائل الصحابة، باب: وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - بأهل مصر، من حديث أبي ذر.