فقال مروان: ألست الذي قال الله فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا}؟ فقال عبد الرحمن: ألست ابن اللعين الذي لعنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: فسمعتنا عائشة فقالت: يا مروان أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا والله ما أنزلت إلا في فلان بن فلان الفلاني، وفي لفظ: لو شئت أن أسميه سميته، ولعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا مروان ومروان في صلبه، فمروان فضض، أي: قطعة من لعنة الله، فنزل مروان مسرعًا حتى أتى باب عائشة، فجعل يكلمها وتكلمه، ثم انصرف.
وفي لفظ: فقالت عائشة: كذب والله، ما نزلت فيه. ويبين ما أوردناه الشيءَ الذي قاله عبد الرحمن لمروان، وذكره أيضًا ابن التين فقال: الذي ذكر أنه قال له: أهرقلية؟ بيننا وبينكم ثلاث سبقن: توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي أهله من لو جعل الأمر إليه لكان أهلًا لذلك، فلم يفعل، وتوفي أبو بكر وفي أهله من لو جعل الأمر إليه لكان أهلًا، وكذلك عمر.
وقولها:(ما أنزل فينا شيئًا من القرآن، إلا أن الله أنزل عذري) تريد: في (بني)(١) أبي بكر، وأما أبو بكر فنزل فيه:{ثَانِيَ اثْنَيْنِ}[التوبة: ٤٠] وقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ}[الفتح: ٢٩] وقال: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ}[التوبة: ١٠٠] في آي كثيرة (٢).
(١) في الأصل: (ابني) وكتب بهامشها (لعله: ابن) ولعل المثبت أنسب من كليهما للسياق. (٢) قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" ٨/ ٥٧٧: وقد شغب بعض الرافضة فقال: هذا يدل على أن قوله {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} ليس هو أبا بكر. وليس كما فهم هذا الرافضي، بل المراد بقول عائشة: (فينا) أي: في بني أبي بكر، ثم الاستثناء من عموم النفي وإلا فالمقام يخصص والآيات التي في عذرها في غاية المدح لها. اهـ.