واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري ويقال: عثمان بن عفان فيما قال ابن هشام (١)، وهي غزوة ذات الرقاع وسميت بذلك؛ لأنهم رقعوا فيها راياتهم، ويقال: ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع، وقيل: لأن أقدامهم نقبت فكانوا يلفون عليها الخرق، وسيأتي من حديث أبي موسى (٢)، وقال الداودي: لرقع الصلاة فيها.
وقال ابن حبان في "سيرته": لأن الجبل كان فيه سواد وبياض (٣). وقيل: بل الجبل الذي نزلوا عليه أو الأرض كانت أرضه ذات ألوان تشبه الرقاع فلقي بها جمعًا من غطفان فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب، وقد خاف الناس بعضهم بعضًا، حتى صلى - عليه السلام - صلاة الخوف كما سيأتي، ثم انصرف بهم، قال ابن سعد: وكان ذلك أول ما صلاها (٤).
وحكى ابن التين قولاً آخر: أن أول ما صلاها في بني النضير. ثم ساق إلى ابن إسحاق من حديث جابر أن رجلاً من بني محارب يقال له: غورث -أي: بالغين المعجمة، وبالمهملة أيضًا- قال لقومه من غطفان ومحارب: ألا أقتل لكم محمدًا؟ فذكر أخذ السيف وإضمامه ومنعه الله منه، فأنزل الله {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ} الآية [المائدة: ١١](٥).
وقد رواه من حديث جابر أيضًا أبو عوانة وفيه: فسقط السيف من يده، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال:"من يمنعك مني؟ " فقال: كن خير