ذكر أبو هريرة بعض أمره وسكت عن لزومه إياه لما يعيش فيه، ويقال: سكت عن ذكر الاقتباس؛ لأنه عمل صالح خشي أن يدخله رياء.
وقوله:((حين)(١) لَا آكُلُ الخَمِيرَ، وَلَا أَلْبَسُ الحَبِيرَ) الخمر: ما يجعل الخمر في عجينة من الخبز الأدم، والحبير -بالحاء المهملة-: الثياب المحبرة، كالبرود اليمانية ونحوها، قاله الخطابي (٢)، وقال الهروي: الحبير: ثياب يصنع باليمن، قال: وهي تستحب في الكفن، وقال ابن فارس: الثوب الحبير الجديد (٣).
وقوله:(كُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِي بِالْحَصبَاءِ مِنَ الجُوعِ). هو كقوله: كنت أخر ما بين البيت والمنبر، حتى يظن من رآني أني مجنون، وما بي جنون، ما بي إلا الجوع (٤).
ثم ذكر حديث الشَّعْبِيِّ، أَنَّ ابن عُمَرَ - رضي الله عنهما - كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى ابن جَعْفَرٍ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابن ذِي الجَنَاحَيْنِ.
سببه أن قطعت يداه في القتال؛ فجعلهما الله له جناحين في الجنة في البرزخ. وقول أبي هريرة - رضي الله عنه - في الحديث قبله:(إنه كان خير الناس للمساكين) أي: لسخائه، ومن أشبه الشارع خَلقًا وخُلقًا، كيف
(١) كذا في الأصل وهي برواية أبي ذر والأصيلي والمستملي وأبي الوقت مصححة، انظر هامش اليونينية ٥/ ١٩. (٢) "أعلام الحديث" ٣/ ١٦٣٨. (٣) "مجمل اللغة" ١/ ٢٦٠. (٤) سيأتي برقم (٧٣٢٤) كتاب الاعتصام، باب ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحض على اتفاق أهل العلم.