وقد سلف قريبًا بأكثر من هذا في باب قوله تعالى:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} ومنها أنه لحسن وجهه، إذ المسيح في اللغة الجميل الوجه، وفي اللغة أيضًا: قطع الفضة وكذا كان أبيض مشربًا حمرة.
وأما المسيح الملعون فبالحاء على المشهور، وقيل: بالخاء المعجمة، قال القابسي: سمي بذلك؛ لأن عينه مسحت قال: ومن الناس من يكسر ميمه، ويثقل السين ليفرق بينه وبين عيسى، وحكى الأزهري: أنه مِسِّيح على فِعِّيل (١) فرقًا بينه وبين عيسى، وعن أبي عمر: منهم من قاله بالخاء المعجمة، قال: وذلك كله عند أهل العلم خطأ لا فرق بينهما (٢)، كذلك ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نطق به ونقله الصحابة المبلغون عنه وقالته العرب.
وفيه أقوال أخر، لأنه لا عين له ولا حاجب، أو لكذبه، أو خبثه وتمرده، أو لقبحه، أو لمسحه الأرض؛ لأن عيسى - صلى الله عليه وسلم - اختص بقطع بعض الأرض، وهذا يمسح جميع البلاد في أربعين يومًا إلا ما استثني، وقيل: لأن أحد شقي وجهه ممسوح، وهي أشوه الحالات.
فصل:
قال الهروي: في الحديث: "أما مسيح الضلالة فرجل"(٣) قال: دل هذا الحديث على أن عيسى مسيح الهدى، والدجال مسيح الضلالة.
(١) "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٣٨٩ مادة [مسح]. (٢) "التمهيد" ١٤/ ١٨٨. (٣) رواه أحمد ٢/ ٢٩١ من حديث أبي هريرة وقال الهيثمي في "المجمع" ٧/ ٣٤٦: رواه أحمد وفيه: المسعودي، وقد اختلط اهـ. وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر في "المسند" ١٥/ ٢٨ (٧٨٩٢) [ط شاكر]. =