وقد أوضحته في "شرح العمدة"(١) أكمل إيضاح، ونذكر هنا نبذة منه:
الأولى: معنى: ("انْتَدَبَ اللهُ"): ضمن وتكفل كما جاء في رواية أخرى وقيل: أجاب رغبته يقال: ندبه لأمر فانتدب. أي: دعاه فأجاب، وقال ابن بطال: أوجب وتفضل أي: حقق وأحكم أن ينجز له ذَلِكَ لمن أخلص (٢)، وقيل: معناه: سارع بثوابه وحسن جزائه. حكاه القاضي (٣).
وما ذكرنا أن انتدب -بالنون- هو المشهور في رواية بلادنا، وحكاه القاضي عن رواية أبي داود، وحكي عن القابسي ائتدب بهمزة صورتها باء من المأدبة (٤)؛ يقال: دبه القوم -مخففًا- إذا دعاهم ومنه:"القرآن مأدبة الله في أرضه"(٥) ومعناه: أجاب الله من دعاه إلى غفرانه وكل ذَلِكَ عبارة عن تحقيق هذا الموعود من الله تعالى على وجه التفضل والامتنان.
(١) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ١٠/ ٢٩٠. (٢) "شرح ابن بطال" ١/ ٩٥. (٣) "إكمال المعلم" ٦/ ٢٩٤، "مشارق الأنوار" ٢/ ٧. (٤) وعزا ابن حجر هذِه الرواية إلى الأصيلي ثم قال: وهو تصحيف، وقد وَجَّهوه بتكلف، لكن إطباق الرواة على خلافه مع اتحاد المخرج كاف في تخطئته ا. هـ "الفتح" ١/ ٩٣. (٥) رواه عبد الرزاق في "المصنف" ٣/ ٣٧٥ (٦٠١٧)، وابن أبي شيبة في "المصنف" ٦/ ١٢٦ (٢٩٩٩٩)، والدارمي ٤/ ٢٠٨٣، ٢٠٨٤ (٣٣٥٠)، والحاكم ١/ ٥٥٥، والبيهقي في "الشعب" ٢/ ٣٢٤، ٣٢٥ (١٩٣٣) من حديث عبد الله بن مسعود. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: صالح ثقة خرج له مسلم. لكن إبراهيم بن مسلم ضعيف. وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب" (٨٦٧).