وأخذت بأعناق القوم، فقال:"ملكت فأسجح" ثم قَالَ: "إنهم الآن ليقرون في غطفان". ولم تزل الخيل تأتي، والرجال على أقدامهم حَتَّى انتهوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي قرد، فاستنقذوا عشر لقاح، وأفلت ما بقي وهي عشرون، وصلى رسول الله صلاة الخوف بذي قرد وأقام بها يومًا وليلة، المثبت عندنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر على هذِه السرية سعيد بن زيد الأشهلي، ولكن الناس نسبوها إلى المقداد لقول حسان:
غداة فوارس المقداد
فعاتبه سعيد بن زيد فقال: اضطرني الرَّوِيُّ (١) إلى المقداد.
ورجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة يوم الاثنين وقد غاب خمس ليال. وقال:"خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة"، قَالَ سلمة: وأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم الفارس والراجل (٢).
وفي "الدلائل" للبيهقي: أو في سلمة على سلع ثم صرخ: يا صباحاه الفزع. فبلغ ذَلِكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).
وفي "الإكليل" للحاكم: باب غزوة ذي قرد. قَالَ: هذِه الغزوة هي الثالثة لذي قرد، فإن الأولى: سرية زيد بن حارثة في جمادى الآخرة على رأس ثمانية وعشرين شهرًا من الهجرة، والثانية: خرج فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه إلى بني فزارة، وهي على تسعة وأربعين شهرًا
(١) النووي: هو النبوة أو النغمة التي ينتهي بها البيت، وعليه تبنى القصيدة، فيقال دالية، بائية، همزية .. دواليك. انظر: "المعجم المفصل في علم العروض" ص ٢٤٧. (٢) "الطبقات الكبرى" ٢/ ٨٠ - ٨٤. (٣) "دلائل النبوة" ٤/ ١٧٨.