بالشهادة فجاء يوم بدر ليشرب من الحوض فرماه حِبَّان بن العرقة بسهم فأصاب حنجرته فقتله.
قَالَ أبو موسى المديني: وكان خرج نظارًا وهو غلام؛ ولما قَالَ رسول الله لأمه ما قَالَ رجعت وهي تضحك وتقول: بخ بخ لك يا حارثة، وهو أول قتيل من الأنصار ببدر.
وأما قول ابن منده: أنه شهد بدرًا واستشهد بأحد فغير جيد (١)، وعند أبي نعيم (٢): كان كثير البر بأمه قَالَ - صلي الله عليه وسلم -: "دخلت الجنة فرأيت حارثة كذلك البر"، هو غير جيد؛ لأن المقتول فيه هنا هو حارثة بن النعمان كما بينه أحمد في "مسنده" وغيره (٣).
ثانيها: قوله: (سهم غريب): هو الذي لا يعلم راميه ولم يدر من حيث أتاه، قَالَ أبو عبيد: يقال: أصابه سَهم غريب إذا كان لا يعلم من رماه (٤).
وقال ابن السكيت: سهم غربٍ، وسهم غرَّب وغَرَب إذا لم يدر من أي جهة رمي به (٥)، وقال غيره: سهم غربٍ.
وحكى الخطابي عن أبي زيد قَالَ: سهم غرْب ساكنة الراء إذا أتاه من حيث لا يدري، وسهم غَرب -بفتح الراء- إذا رماه فأصاب غيره (٦)،
(١) مما يؤيد قول المصنف ما ذكره الحافظ في "الإصابة" ١/ ٣٩٧ (١٥٢٤)، عن غير واحد أن حارثة ممن شهد بدرا وقتل بها؛ ثم قال: ولم يختلف أهل المغازي في ذلك؛ ثم ذكر قول ابن منده، ثم اعتمد الحافظ أنه استشهد ببدر. (٢) "معرفة الصحابة" ٢/ ٧٤٠ (٦٠٧). (٣) رواه أحمد ٦/ ٣٦، وصححه الحاكم ٣/ ٢٠٨، والحافظ في "الإصابة" ١/ ٣٩٨ (١٥٣٢) ترجمة حارثة بن النعمان؛ والألباني في "الصحيحة" (٩١٣). (٤) "غريب الحديث" ٢/ ٣٧١. (٥) "إصلاح المنطق" ص ١٧٣. (٦) "غريب الحديث" ١/ ٢٢١.