مثله كائنًا فيهم، قوله:"ولا كان قبله": جملة منفية عطف على الجملة المنفية التي قبلها، وكان هنا تامة بمعنى وجد (١)، أي: ولا وجد مثله قبله، وقبله نصب على الظرف.
قوله:"وليس يكون": جملة منفية أيضًا عطف على ما قبلها، واسم ليس ضمير الشأن، قوله:"يكون": خبره وهي تامة بمعنى يوجد، و "الدهر"؛ منصوب على الظرفية، والتقدير: ليس الشأن يوجد مثله في الدهر، قوله: إما دام يذبل " يعني مدة دوام يذبل، ويذبل مرفوع لأنه فاعل دام.
الاستشهاد فيه:
على أن ليس نفت المستقبل، وإنما وضعها لنفي الحال، ولكن تنفي المستقبل أيضًا عند قيام القرينة كما في البيت المذكور، ومن هذا القبيل قوله تعالى: ﴿أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ﴾ [هود: ٨]، ﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إلا مِنْ ضَرِيعٍ (٦)﴾ [الغاشية: ٦]، وهذا الباب فيه اختلاف: فقال الجزولي (٢): هي للنفي مطلقًا (٣)، وقال الجمهور: هي لنفي الحال (٤)، وقال الزمخشري في المفصل: فلا تقول: ليس زيد قائمًا غدًا (٥).
وقال الشلويين (٦)، وتبعه الناظم وابنه (٧) -وهو الصواب: إذا لم يكن للخبر زمن مخصوص تُقيدُ نفيها بالحال كما يحمل عليه الإيجاب المطلق وإن كان له زمن مخصوص تفيد نفيها به، فمما نفت به الماضي قولهم: ليس خلق اللَّه مثله (٨)، وعلى ذلك أجاز سيبويه: ما زيد ضربته بالرفع؛ على أن تكون ما حجازية، ولو لم يصح لليس نفي الماضي لم يجز ذلك في ما المحمولة
(١) قال الزمخشري: "وكان على أربعة أوجه ناقصة كما ذكر وتمامه بمعنى وقع ووجد .. " شرح ابن يعيش (٧/ ٩٧)، وشرح التسهيل لابن مالك (١/ ٣٤٢)، والارتشاف (٢/ ٧٦). (٢) هو عيسى بن عبد العزيز الجزولي أبو موسى، ألف: الأمالي وشرح أصول ابن السراج والجزولية (ت ٦٠٧ هـ)، الأعلام (٥/ ١٠٤). (٣) قال ابن مالك: "وقد تنبه أبو موسى الجزولي إلى ذلك فقال في كتابه المسمى بالقانون: وليس لانتفاء الصفة عن الموصوف مطلقًا"، شرح التسهيل لابن مالك (١/ ٣٨٠). (٤) قال ابن مالك: "زعم قوم من النحويين أن (ليس وما) لنفي ما في الحال"، شرح التسهيل (١/ ٣٨٠). (٥) المفصل (٢٦٨)، وشرح ابن يعيش (٧/ ١١١)، وينظر ارتشاف الضرب (٢/ ٧٩). (٦) هو عمر بن محمد بن عمر أبو علي، ألف شرح المقدمة الجزولية والتحليق على كتاب سيبويه وغيرهما، ينظر الأعلام (٥/ ٦٢). (٧) ينظر نفي ليس للحال ما لم تقيد بزمان المقدمة الجزولية لأبي موسى (١٠٤)، وشرح المقدمة الجزولية لأبي علي الشلوبين (٧٧٢) (تركي العتيبي)، وشرح التسهيل لابن مالك (١/ ٣٨٠)، وشرح ألفية ابن مالك لابن الناظم (٥١). (٨) قال أبو حيان: "وذهب الأستاذ أبو علي إلى أنها لنفي الحال في الجملة غير المقيدة بزمان، والمقيدة بزمان تنفيه على حسب القيد، وهو الصحيح" الارتشاف (٢/ ٧٧٩)، شرح التسهيل لابن مالك (١/ ٣٨٠).