محضة وكانت النية بها الانفصال، فإن قلت: ما الدليل على أنَّه هاهنا بمعنى المضارع؛ قلت: وقوعه خبرًا لليس، والنفي إنما يقع على الأخبار، وليس إنما تنفي المضارع.
الاستشهاد فيه:
في قوله:"حذر" فإنه على وزن فَعِل بفتح الفاء وكسر العين، وقد عمل عمل حاذر (١).
الشاهد السادس والعشرون بعد السبعمائة (٢)، (٣)
أتانِي أنهم مَزِقُونَ عِرْضِي … جِحَاشُ الكِرْمَلَين لهَا فَدِيدُ
أقول: قائله هو زيد الخيل الَّذي سماه رسول الله ﷺ زيد الخير، وكان سيد طيئ قدم إلى النبي ﷺ مع وفد طيئ سنة تسع من الهجرة، فأسلموا وحسن إسلامهم، وقال رسول اللَّه ﷺ:"ما ذكر لي رجل من العرب بفضل ثم جاءني إلا رأيته دون ما يقال فيه إلا زيد الخيل" فإنه
(١) قال المرادي: "هذا مذهب سيبويه وهذه المثل تسمى: بالأمثلة الخمسة، ومذهب سيبويه جواز إعمالها بالشروط المذكورة لاسم الفاعل، وذهب الكوفيون إلى أنها لا تحمل وتقدمت علتهم، ومنع أكثر البصريين منهم: المازني والزيادي والمبرد إعمال فعيل وفعل، وفرق الجرمي فأجاز إعمال فعل لأنه على وزن الفعل، ومنع إعمال فعيل، والصحيح ما ذهب إليه سيبويه للسماع كقول بعض العرب: إن الله سميع دعاء من دعاه، رواه بعض الثقاة وقالوا: هو حفيظ علمه وعلم غيره، وقال الشاعر: فَتَاتَانِ أمَّا منهما فَشَبيهَةٌ … هِلالًا والأخرَى مِنْهُمَا تُشْبِهُ البَدْرَا وقد يقال هو على إسقاط الخافض، أي: بهلال، ومن إعمال فعل قول زيد الخيل: أتانِي أنهم مَزِقُونَ عِرْضِي … جحَاشُ الكِرْمَلَيِن لهَا فَدِيدُ فأعمل مزقًا وهو للمبالغة من مازق، وأنشد سيبويه: حَذِرٌ أمورًا لا تضيرُ وَآمِنٌ … مَا ليس مُنْجيَهُ مِنَ الأقْدَارِ واعلم أن الكوفيين تأولوا المسموع على إضمار فعل يفسره المثال وهو فاسد لكثرة ما ورد منه … مسألة: أجاز ابن ولاد وابن خروف وبعض النحوين إعمال فعيل من أبنية المبالغة كإعمال الأمثلة الخمسة نحو: هذا شرب الماء، وطبيخ الطعام، والصحيح المنع لأنه لم يسمع" شرح التسهيل للمرادي (٣/ ١٨١ - ١٨٦). (٢) ابن الناظم (١٦٤)، وتوضيح المقاصد (٣/ ٢٥)، وأوضح المسالك (٢/ ٢٥٤)، وشرح ابن عقيل (٣/ ١١٥) "صببح". (٣) البيت من بحر الوافر، وهو ثاني بيتين لزيد الخير أولهما: ألم أخبركما خبرًا أتاني … أبو الكساح جديه الوعيد وانظر البيتين في ديوان زيد الخير (٤٢)، بتحقيق: د. نور حمود القيسي (العراق)، وانظر بيت الشاهد في المقرب (١/ ١٢٨)، وشرح الكافية الشافية (١٠٤٠)، وشرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٨١)، وشرح التصريح (٢/ ٦٨)، وابن يعيش (٦/ ٧٣)، وينظر الديوان (١٧٦)، تحقيق: أحمد البرزة.