الشاهد الثامن والثلاثون بعد المائة (١) , (٢)
وإنَّ من النِّسْوَانِ مَنْ هيَ رَوْضَةٌ … تَهِيجُ الرِّيَاضُ قبلها وتصَوّحُ
أقول: قائله هو جران العود، واسمه عامر بن الحرث بن كلفة -بفتح الكاف، ويقال بضمها، ويقال: ابن كلدة وهو ابن نمير، وأحد بني ضبة بن نمير بن عامر بن صعصعة، وإنما لقب جران العود بقوله لامرأتين كانتا له:
خُذَا حَذَرًا يا جَارَتَيَّ فإنَّنِي … رأيت جِرَان العَودِ قد كان يصلُح
بفتح اللام، وروي بضمها، وكلتا الروايتين صواب.
والبيت المذكور من قصيدة طويلة من الطويل، يصف فيها النساء، [قال ابن حبيب] (٣):
قال أبو عمرو الشيباني (٤): كان جِرَانُ العَوْدِ والرَّحَّال خِدْنَيِن (٥) تِبيعَيِن، ثم إنه تزوج كل منهما فلما أن اجتمعا نَعَتَا ما لقيا، فقال جران العود في ذلك:
١ - ألا لا تَغُرَّن امْرَأً نَوْفَلِيَّةٌ … علَي الرَّأْسِ بَعْدِي أوْ تَرَائِبُ وُضّحُ
٢ - ولا فاحِم يُسْقِي الدِّهَانَ كَأنَّهُ … أَسَاودُ يِزْهَاهَا لعَينيك أبطحُ
٣ - وأذنابُ خَيلٍ عُلِّقَتْ في عَقِيصَةٍ … ترى قُرْطَها من تحتها يَتَطَوَّحُ
٤ - فإنَّ الفَتَى المغرورَ يُعْطِي تِلادَهُ … ويُعْطي الثّنا من مالهِ ثم يُفْضَحُ
٥ - ويغدُو بِمسْحَاجٍ كَأنَّ عِظَامَهَا … مَحَاجِنُ أعرَاهَا اللِّحَاءُ المشبحُ
٦ - إذا ابْتُزَّ عنها الدرع قِيلَ مُطَّرِدٌ … أحَصُّ الذنابي والذراعين أرسح
إلى أن قال:
٧ - أجَلِّيِ إليهَا من بعيد وأتَّقي … حجارتها حقًّا ولا أَتَمَزَّحُ
(١) توضيح المقاصد (١/ ٢٣٦).
(٢) البيت من بحر الطويل، من قصيدة طويلة لجران العود، بفتح العين، وهي في ديوان جران (١) ط. دار الكتب، والجران: مقدم العنق من البعير، والعود: المسن منها، والمعنى: استعن في حربك بالمشايخ لا بالغلمان، وبيت الشاهد في التصريح (١/ ١٤٠).
(٣) ما بين المعقوفين سقط من النسخة (ب)، وابن حبيب هو محمد بن حبيب من موالي بني العباس، ألف كتاب: من نسب إلى أمه من الشعراء، ومختلف القبائل وخلق الإنسان وغيرها، (ت ٢٤٥ هـ). الأعلام (٦/ ٧٨).
(٤) انظر النص المذكور في الديوان (١) مرويًّا عن أبي سعيد السكري.
(٥) قال صاحب اللسان: " (خدن) الخِذنُ والخَدِينِ: الصديقُ، وفي المحكم: الصاحبُ المُحدِّثُ، والجمع: أَخْدانْ وخُدَناء، والخِدْنُ والخَدِينُ: الذي يُخَادِنُك فيكون معك في كل أمر ظاهر ولاطن، وخِدْنُ الجارية: مُحَدِّثُها". اللسان، مادة: "خدن".