أَكْثَرْتَ في الْعَذْلِ مُلِحًّا دَائِمًا … لا تُكْثِرَنْ إِنِّي عَسَيتُ صَائِمًا
أقول: قد قيل إن قائله هو رؤبة بن العجاج، وقال أبو حيان: هذا البيت مجهول لم ينسبه الشراح إلى أحد فسقط الاحتجاج به، وكذا قال أبو عبد الواحد الطواح في كتابه بغية الآمل ومنية السائل (٣)، قلت: لو كان الأمر كما قالا لسقط الاحتجاج بخمسين بيتًا من كتاب سيبويه؛ فإن فيه ألف بيت قد عرف قائلها وخمسين بيتًا مجهولة القائلين، وقد حرف ابن الشجري هذا الرجز فأنشده (٤):
قم قائمًا قم قائمًا … إني عسيت صائمًا
وإنما قم قائمًا، صدر رجز آخر يأتي بيانه -إن شاء اللَّه تعالى-، والبيت المذكور من الرجز المسدس.
قوله:"أكثرت" من الإكثار، و"العذل" بالذال المعجمة؛ الملامة، وقد عذلته فاعتذل، والاسم العذل بالتحريك، قوله:"مُلِحّا": من ألحَّ يلحّ إلحاحًا فهو مُلِحٍّ، قوله:"عسيت" بفتح العين وكسر السين، يقال: عسيت أفعل ذاك، وعسيت أفعل أيضًا بفتح السين وقرئ (٥): ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ﴾ [محمد: ٢٢]، وعَسِيتم بالفتح والكسر.
(١) ابن الناظم (٥٩)، توضيح المقاصد للمرادي (١/ ٣٢٤)، شرح ابن عقيل على الألفية (١/ ٣٢٤). (٢) بيتان من الرجز المشطور، وهما في ملحق ديوان رؤبة (١٨٥)، وانظرهما في الخصائص (١/ ٨٣)، والخزانة (٩/ ٣١٧). (٣) ينظر هدية العارفين (١/ ٢٤٧). (٤) ينظر الأمالي الشجرية (٢/ ١٠٥)، وينظر الخزانة (٩/ ٣١٧) والرواية فيه (صائمًا)، والدرر (٦/ ٤٩) والرواية فيه (سالمًا)، والهمع (٢/ ١٢٥)، والمعجم المفصل (١٢٥٢). (٥) قراءة الكسر هي قراءة نافع، وانظر ذلك في الكشاف (٣/ ٥٣٦).